الإمامة وخطرها على وحدة اليمن

الإمامة وخطرها على وحدة اليمن

خالد الفرح
الإمامة وخطرها على وحدة اليمن

لم تكن الوحدة التي تحققت لشعبنا في 22 من مايو 1990م، وحدة بين شعبين مختلفين في (الهوية والثقافة والانتماء)، كما لم تكن وحدة بين أعراق وقوميات مختلفة، بل كانت وحدة اليمنيين ببعضهم البعض لأن اليمن موحداً ارضاً وإنسانا وحضارةً وثقافةً ودين ولغة وفي سلوكه وعاداته وتقاليده.

فمنذ ما قبل القرن العاشر ق.م شهد اليمن قيام دولة وحدوية شملت اليمن جميعا. واقترنت هذه الوحدة بدولة سبأ التي تلقب أغلب حكامها من بداية القرن 8 ق.م بلقب "المُكَرِب"، والذي يعني الموحد للشعوب، ثم في دولة التبابعة العظماء، الذين تلقبوا بأطول لقب وحدوي "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمانت وأعرابهم في الطود والتهايم"، وهذا اللقب يشمل جنوب شبه الجزيرة كاملاً.

هذه الحقيقة لا تنفي أن اليمن قد عرف خلال مراحل تاريخه وجود عدة دول تحكم في آن وحد. وكانت تحدث بينها حروب وصراعات ولكنها من اجل الوحدة ولم تكن على

حدود جغرافية. بل لم يتنكر أي كيان للهوية، وظل اسم اليمن هو الهوية الجامعة رغم تعدد هذه الدول والدويلات.

وحين بزغ فجر الإسلام توحد اليمنيون بعقيدتهم ودينهم وقوميتهم التي هم أصولها وينبوعها، دماً وبشرا وتراثاً، واستمر اليمن موحد في كنف الدولة المركزية حتى نهاية القرن الثالث الهجري عندما قدم الى اليمن يحيى الرسي لنشر الزيدية الهادوية ونظرية البطنين، التي تحمل في طياتها بذور التجزئة والانقسام، ولم يكن الرسي وبنوه من بعده إلا بداية مشهد من الصراع وفصل من فصول الاحتراب.

وبسبب تنافس الأئمة على السلطة كانت القبائل تنقسم بين هذا وذاك من المتنافسين.

فبعد خروج الحكم العثماني الاول: عام 1635م، انفصلت مناطق جنوب الوطن بسبب سياسة الأئمة التي أثقلت كاهل المواطنين بالجبايات ومحاولة فرض المذهب بالقوة، ما تسبب في انتشار الفوضى التي دمغت الحياة السياسية والاجتماعية بميسم الصراع والاقتتال بين المتنافسين من البيت الحاكم على السلطة، حتى بلغ عدهم 15 إماما. وبالتالي كنا بصدد انقسام اليمن الى 15 دولة.

التقسيم الثاني:

يتمثل بترسيم الحدود بموجب الاتفاقية الانجلو عثمانية عام 1904م، والتي عرفت باتفاقية ترسيم الحدود و تم التصديق عليها عام 1914م، واعترف بها الإمام يحي حميد الدين، بتوقيع اتفاقية التعاون بينه وبين بريطانيا 1934م.

ذلك أن نظام الإمامة سلالي أسري منطوِ على نفسه، يعمل على إسقاط الهوية الحضارية للشعب مستبدلاً لها بهوية مذهبية تؤصل لحق السلالة في الحكم.

والإمامة لاتبالي بتوحيد الوطن، ولهذا نجد يحي حميد الدين رفض مشروع الوحدة الذي قدمه إليه المصلح التونسي الكبير عبد العزيز الثعالبي عام 1924م،

وكذلك مشروع الوحدة الدي قدمة اليه عبد الغني الرافعي بعنوان وحدة اليمن ضرورة حتمية عام 1944م، كما رفض يحي حميد الدين استلام الضالع ولحج وأطراف عدن على الرغم من مناشدة قائد القوات التركية سعيد باشا له، عام 1918م باستلامها وضمها الى نفوذ اليمن بدلاً من البقاء تحت النفوذ البريطاني فرفض الإمام استلامها بحجة أنها بلاد فقيرة ولاتعطي مداخيل كبيرة من الزكاة.

وذلك ما يؤكد أن الإمامة مثلما فرطت بالسيادة الوطنية كانت وستبقى تمثل الخطر الأكبر

على وحدة اليمن.